EN | AR
تابعنا
التقويم
القائمة البريدية
انضموا إلى مجموعتنا البريدية لتحصلوا على آخر أخبارنا

ابنُ خَلْدُون: طَالِبٌ شَابٌ مِثْلُك

ابنُ خَلْدُون: طَالِبٌ شَابٌ مِثْلُك
 

عبدُ الرحمن بن خَلدون [ت ١٤٠٦م] الفيلسوف، المؤرِّخ،العالم الاجتماعيُّ، البحَّاثةُ.. قال عنه آرنولد توينبي في كتابهِ (دراسة التاريخ): "إن ابن خلدونَ نسيجُ وَحْدِهِ في تاريخ الفكر، لم يُدانِه مفكِّرٌ كان قبله أو جاء من بعده في جميع العصور".

أوجدَ ساطعُ الحصري على التَّقريب أهمَّ المؤلَّفاتِ التي تتعلَّق بفلسفة التاريخ مباشرةً، فوجدها بعد ظهور مقدِّمة ابنِ خلدون تنحصرُ في عشرة كتبٍ، أهمها: الأمير لميكيافيلي الإيطالي، والحكومةُ المدنيَّةُ لجون لوك الإنكليزي، والعالَمُ الجديد لباتستافيكو الإيطالي، وطبائعُ الأمم وفلسفةُ التاريخِ لفولتير الفرنسي، وآراءُ فلسفيةٌ في تاريخ البشريةِ لِهِردَر الألماني... وكلُّهم اقتبسوا من (مقدِّمة) ابن خلدون في كتبهم، وبشكلٍ واضحٍ جليٍّ.

سبقَ ابنُ خلدون (غبرييل تارد) بالقول بالمحاكاةِ والتقليدِ، وكان ابن خلدون أعمق وأدقَّ، لأنه أعطى رأياً متميزاً، وعدَّ التقليد ظاهرة ضعف لا دلالةَ قوَّةٍ.

وسبق ابن خلدون (دوركهايم) بالقول بالقسر الاجتماعي، وقالَ: الإنسانُ ابنُ مجتمعِهِ، وتفرض الظاهرة الاجتماعية نفسها على الأفرادِ. وامتاز عن (فيكو) في مجرى تاريخِ الأمم وتطوراتِها بأنَّه كان موضوعيّاً.

والشَّبَهُ جليٌّ بين ابن خلدون وبين (ميكيافيلي) في دراساتِ السلطةِ والحكوماتِ والإمارات والأساليب التي يجب اتباعُها في الحكم.

ووجْهُ الشَّبه بين ابنِ خلدون و(جان جاك روسو) واضحةٌ من حيث الإيمانُ الشديدُ بحياة التقشف، وبينه وبينَ (نيتشه) في نظرية الحق للقوَّة...

وسبقَ ابن خلدون علماء الاجتماع بالدُّخول إلى صلبِ الظاهرة وتقسيمها إلى أجزاءَ بقصد دراستها، ولم يكن رائداً في علم الاجتماعِ السُّكوني، بل هو رائد في علم الاجتماع الحركي (الديناميكي)، بدليل أنه لم يدرسْ المدن الفاضلة، بل المدن القائمة، ووازنَ بينَ ما كان، وما صارَ.

ولابن خلدون لمحاتٌ لتفسير الظواهر السياسية بالعامل الاقتصادي، ومن الأفكار الأصيلة التي عرضها في مقدِّمته، نظريته في (العمل والقيمة)، وهي النظرية التي تبناها (ماركس)، والذي ردَّ القيمة إلى العمل المبذولفي إنتاج السِّلعة، يقول ابن خلدون: إن قيمة العمل إنما تقاسُ بكَمِّيته، فيقرِّر بصريح العبارة: "وقد يكون مع الصَّنائعِ في بعضها غيرُها، مثلُ النِّجارة والحِياكة معهما الخشبُ والغَزلُ، إلا أنَّ العملَ فيهما - أي في النجارة والحياكة - أكثر، فقيمَتُه أكثرُ".

... هذه لمحةُ سريعةٌ ومختصرةٌ للأثر الذي تركه طالِبٌ شابٌ مِثلُك، أوردها د. دشوقي أبو خليل في كتاب دور الحضارة العربية الإسلامية في النهضة الأوروبية ص ٤٤- ٤٦، وليس ابن خلدون إلا نموذجاً من أولئك الذين أَبَوا أن يكون مرورهم في الدُّنيا لا يتميز عن مرور أي كائن آخر؛ حيوانٍ أو نباتٍ في دورة الحياة؛ لأنهم استَحْضَرُوا الكرامةَ الإنسانية وعاشُوها واقعاً، وتطلَّعوا إلى السُّمو بأنفسهم والنهوض بأمتهم، لا في الناحية المادية فحسْب ولا في المستقبل القريب فقط، بل في المادة والروح وفي الدنيا والآخرة.

وَأَزُفُّ إليك بُشرى عظيمة إذا كنت ممن يطلب العِلم النافع وتُتبعه بالعمل الصالح مع إخلاص النية لله تعالى، وهي قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: "مَن سَلَك طريقاً يبتغي فيه عِلماً سَهَّل اللهُ له طريقاً إلى الجنَّة، وإنَّ الملائكة لَتضع أجنحتها لطالب العلم رِضى بما يصنع، وإنَّ العالِمَ لَيَيستغفر له من في السماوات ومن في الرض حتى الحيتانُ في الماء! وفضل العالم على العابد كفضل القَمر على سائر الكواكب. وإنَّ العلماءَ ورثة الأنبياء، وإن الأنبياءَ لم يُوَرِّثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما وَرَّثوا العلمَ، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافر" رواه أبو داود والترمذي.

فعَلِّقْ قلبك بربِّك، وأمَلَك بوعده، وهنيئاً لك ميراث الأنبياء، وسلوك طريق الجنة، وصحبة الملائكة!

جميع الحقوق محفوظة لموقع المنتدى للتعريف بالإسلام © 1445هـ, 2024م
تطوير egv