EN | AR
تابعنا
التقويم
القائمة البريدية
انضموا إلى مجموعتنا البريدية لتحصلوا على آخر أخبارنا

(رحلة إلى الإسلام بين بيروت ولندن (قصّة إسلام البريطاني روبرت واينرايت

 

بسم الله الرحمٰن الرحيم

اللهم صلّ على محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

قد ييئس البعضُ في زماننا هذا من وجودِ أناسٍ خيِّرينَ وخاصةً في مجتمعاتِ الغربِ، ولقد تكوَّنت في أذهانِ عددٍ كبيرٍ من مسلمي الشّرقِ صورةٌ سلبيةٌ عن أفرادِ المجتمعِ الغربي، وكان للإعلامِ الغربي دورٌ كبيرٌ في هذا التشويه الذاتي لصورةِ أفرادهِ، كما كان للهجومِ الأمريكي والجرائمِ التي ارتكبها جنودُه الدورَ الأكبر في إيجادِ الكراهيةِ تجاه الغرب وأبنائه، دون تمييزٍ بين حُكَّامهم وأنظمتهم من جهةٍ، وشعوبِهم المتعددة الاتجاهات من جهةٍ أخرى.

أما الإسلامُ فقد علَّمنا أن لا نحكمَ مُسبقًا على أي قومٍ من الأقوامِ أو جماعةٍ من الجماعات. نقرأُ في القرآنِ الكريمِ دعوةً من اللهِ عزَّ وجلَّ إلى نبذِ التعميمِ والحكمِ المسبقِ على فئاتِ الناسِ؛ فقد دعانا اللهُ تعالى إلى عدمِ وضعِ أهل الكتابِ في خانةٍ سلبيةِ واحدةٍ: )وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً ( [آل عمران: ٧٥] )لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَآءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ( [آل عمران: ١١٣].

في إحدى أمسياتِ صيفِ ٢٠٠٤م، جاءَ إلى المنتدى شابٌ غربيُ الملامحِ، دائمُ التبسمِ، وفاجأني بتحيتهِ العربيةِ فاحترتُ بأي لغةٍ أكلِّمه؟ ولكن ما إن تكلَّمَ بالإنجليزية حتى تبددت الحيرةُ. أخبرني بأنَّه بريطانيٌ ويُدعى "روبرت واينرايت" وقد جاءَ إلى لبنانَ متطوعًا لتعليمِ اللغةِ الإنكليزيةِ في دورةٍ صيفيةٍ أقيمت في مخيمِ نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في الشمالِ اللبناني. بدا لي متحمسًا وجادًا لمعرفة المزيد عن الإسلام، فاستمعَ إليَّ بجديةٍ وأنا أكلمُهُ عن معنى الإسلامِ وعن العبادات والإيمانِ والإحسانِ إلى أن حانَ وقتُ الصلاةِ فاصطحبتُه إلى المسجدِ القريبِ. رغمَ أنَّه لم يكُن قد اعتنقَ الإسلامَ بعد في ذلك الحين، إلا أنني كنتُ أطمعُ في إسلامه لِما وجدتُ فيه من خِصالٍ خُلُقيةٍ طيبةٍ. لذلك فقد علمتُه الوضوءَ والصلاةَ، وقامَ بالصلاةِ مع الجماعةِ، وكانَ ذلكَ بغرضِ التعرفِ على الإسلامِ منَ الداخلِ وعَن كَثَبٍ، كما أخبرتُه.

وبعد أن أخذَ مجموعةً من الكتبِ المعرِّفةِ بالإسلامِ قالَ إنه بحاجةٍ إلى شيءٍ منَ الوقتِ ليُحدِّدَ موقفه من الإسلامِ وذلكَ ليعرفَ المزيدَ عن هذا الدينِ ومبادئِه. وظننتُ بأنها المرةُ الأخيرةُ التي أراهُ فيها لأنَّه كانَ مسافرًا بعد يومين. ولكنَّه ما لبثَ أن عادَ في اليومِ التالي، وقامَ في حينها بالتعرفِ إلى عددٍ من الشبابِ المسلمينَ في المنتدى وتكلمَ معهم إلى ساعةٍ متأخرةٍ من الليلِ حتى قُمنا بمرافقتِه إلى المطارِ حيثُ ودَّعناه متمنِّينَ لهُ التوفيق.

بعد ذلك بقيتُ على اتصالٍ معه عبر الانترنت، وبعد حوالي ٤ أشهر أخبرنا بأنه أشهرَ إسلامَه واختارَ لنفسهِ اسمًا عربياً وهو "عادل". ويقومُ عادل الآن بدراسةِ العلومِ السياسيةِ واللغةِ العربيةِ في جامعة ليدز في بريطانيا، وهو من الناشطينَ في تعريفِ الغربيينَ بحقائقِ القضيةِ الفلسطينيةِ وقضايا المسلمين، ويشكرُ اللهَ تعالى على نعمةِ الإسلامِ، الدين الذي جعله الخالقُ سبحانه رحمةً للعالمين، دينٌ يتناسبُ مع الفطرةِ والعقلِ والقلبِ، ويقدِّمُ للبشريةِ نظامًا شاملاً فيه وقايةٌ من أمراضِ المجتمعِ كافة وعلاجٌ لكل مشاكله.

الخيرُ موجودٌ في كلِّ مكانٍ، حتى في أشدِّ المجتمعات فسادًا، وعلى حاملِ هذه الرسالة الخالدة أن يعيَ ذلك وألا يجعلَ الحكمَ المسبق علّةً لتكاسله عن تبليغِ الرسالةِ للناسِ أجمعين.


جميع الحقوق محفوظة لموقع المنتدى للتعريف بالإسلام © 1445هـ, 2024م
تطوير egv